المغرب يطلق دراسة وطنية لرسم خريطة مخاطر الفساد في القطاع الصحي الخاص

في خطوة تهدف إلى محاصرة الفساد وتعزيز الشفافية داخل منظومة الرعاية الصحية، أعلنت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن الشروع في إعداد دراسة وطنية لتحديد خريطة مفصلة لمخاطر الفساد في القطاع الصحي الخاص بالمغرب. ويأتي هذا الإعلان في ختام ورشة وطنية امتدت على مدى يومين، 17 و18 يونيو 2025، بالرباط، جمعت ممثلين عن 24 مؤسسة، من قطاعات حكومية وهيئات دستورية وسفارات أجنبية، إضافة إلى مهنيين وخبراء من داخل المغرب وخارجه.

وستتمحور الدراسة، التي ستنجز في إطار مقاربة تشاركية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حول سلاسل القيمة في القطاع الصحي الخاص، لا سيما ما يتعلق بسيرورة توزيع الأدوية والعلاقات بين المصحات وشركات التأمين، وذلك بهدف الكشف عن مكامن الخلل وتصميم أدوات فعالة لتعزيز النزاهة وضمان استدامة الإصلاحات. وستعتمد الدراسة على دفتر تحملات مفصل، يعكس رؤية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار مساهمات مختلف المتدخلين، من سلطات عمومية ومهنيي الصحة وممثلي المجتمع المدني.

وخلال الورشة, شدد رئيس الهيئة، محمد بنعليلو، على أن “محاربة الفساد مسؤولية جماعية”، داعيا إلى تفعيل الآليات القانونية وتجريم كل أشكال الفساد داخل المرافق الصحية، في حين اعتبر الأمين العام للهيئة، أحمد العمومري، أن المشروع يمثل ركيزة أساسية في مسار إصلاح شامل يهدف إلى تكريس العدالة الصحية وتحقيق التغطية الشاملة. ومن جهته، أبرز الكاتب العام لوزارة الصحة، عبد الكريم مزيان بلفقيه، أن الحكامة الرشيدة لم تعد ترفا، بل أضحت ضرورة لبناء منظومة صحية عادلة وفعالة.

وقد خرجت الورشة بعدد من التوصيات الاستراتيجية، من أبرزها ضرورة مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي للقطاع، وإقرار التصريح الإلكتروني المسبق واللاحق بالعمليات الطبية، وتنظيم العلاقة بين المصحات وشركات التأمين وفق قواعد شفافة ومنصفة. ودعت الورشة عينها إلى إطلاق برامج لتكوين مهنيي الصحة على قيم النزاهة، ووضع نظام لتصنيف المصحات الخاصة على أساس جودة الخدمات ومؤشرات النزاهة، ينشر بصفة دورية لتعزيز التنافس الشريف.

ولم تغفل الورشة الجانب الرقمي، إذ أوصت بتطوير منصة لتتبع مسار الدواء من الإنتاج إلى المريض، وخلق آليات رقمية لتقديم الشكاوى وتحليل البيانات الصحية باستخدام الذكاء الاصطناعي, كما أكدت على أهمية إشراك المواطن والمجتمع المدني في الحوكمة الصحية، من خلال حملات تحسيسية ودعم آليات المراقبة المجتمعية، بما يضمن ترسيخ ثقافة النزاهة داخل القطاع الصحي، ويعيد ثقة المواطنين في المؤسسات الصحية العمومية والخاصة على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

فوربس الشرق الأوسط: اتصالات المغرب ضمن أقوى 100 شركة عربية لعام 2025

المقالات ذات الصلة