شهد المغرب تحسنا في تصنيفه العالمي ضمن مؤشر النظام البيئي للشركات الناشئة لسنة 2025، بعد أن صعد أربع مراتب ليحل في المرتبة 88 من أصل 118 دولة، وفق تقرير سنوي صادر عن منصة “ستارتاب بلينك” المتخصصة في تحليل مناخ الأعمال حول العالم. ويعكس هذا التقدم دينامية متزايدة في منظومة الابتكار الوطنية، حيث بلغ معدل نمو المملكة 23.1% مقارنة بسنة 2024، وهو الأعلى في منطقة شمال إفريقيا، ما وضع المغرب في المرتبة الثالثة إقليميًا خلف كل من مصر وتونس، ومتقدما عليهما من حيث الأداء التصاعدي.
وعلى مستوى المدن، واصلت الدار البيضاء تأكيد مكانتها كمحور الابتكار الأول في البلاد، بعدما قفزت 42 مرتبة لتستقر في المركز 317 عالميا، محققة معدل نمو تجاوز 40%. وتظهر هيمنة واضحة للعاصمة الاقتصادية البيضاء، إذ تجاوز مجموع نقاطها 6.5 مرات نظيرتها الرباط، التي بدورها أحرزت تقدما بـ7 مراتب واحتلت المركز 811 عالميًا. وفي المقابل، شهدت مدينة أكادير تراجعا مقلقا بلغ -5.5%، لتصل إلى المرتبة 968، فيما سجل دخول أول لمدينة طنجة في التصنيف العالمي بالمرتبة 1151، بينما حلت مراكش في المركز 1060.
ويعزى هذا التحسن إلى عوامل متعددة، أبرزها الموقع الاستراتيجي للمغرب، وتوفر طاقات شابة متمكنة رقميا، وتحسن البنية التحتية الرقمية، كما أطلقت الحكومة مجموعة من المبادرات لدعم الابتكار، مثل الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030” بميزانية تصل إلى 240 مليون درهم، وبرنامج “Maroc PME”، إلى جانب العلامة الوطنية “MoroccoTech” لترويج المغرب كوجهة رقمية. وتدعم هذه الجهود شبكة من الفاعلين العموميين والخواص، من أبرزهم “UM6P Ventures”، و”Maroc Numeric Fund”، وصندوق “Innov Invest”.
ومن جهة أخرى، سلط التقرير الضوء على قصص نجاح مغربية بارزة تعكس نضج السوق، مثل منصة “Terraa” التي جمعت 1.5 مليون دولار في جولة تمويل تمهيدية، ومنصة “Chari” التي وصلت إلى تقييم 100 مليون دولار. كما أشار التقرير نفسه إلى استحواذ شركات دولية على شركات مغربية ناشئة، في إشارة إلى جاذبية السوق الوطنية للمستثمرين العالميين. وتلعب الحاضنات مثل “إمباكت لاب” و”تيكنو بارك” دورا مهما في تطوير منظومة ريادة الأعمال ذات البعد الاجتماعي والبيئي.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن التحديات ما تزال قائمة، خصوصا في ما يتعلق بجودة التعليم، وتوسيع الولوج إلى الرعاية الصحية، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتوفير تشريعات محفزة لريادة الأعمال، كما أن ضعف التمويل، خاصة في المراحل الأولى من عمر الشركات، يشكل عائقًا أمام توسع المنظومة. لكن إذا ما واصل المغرب الاستثمار في بنيته الرقمية، والتعليم، والدعم المؤسساتي، فإن آفاقه للصعود في سلم الابتكار العالمي تبدو واعدة خلال السنوات القادمة.