في ظل تحديات ندرة المياه وتفاقم آثار التغير المناخي، أطلق المغرب استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى تحقيق تحول جذري في مجال تحلية مياه البحر. وتسعى هذه الاستراتيجية إلى رفع إنتاج المملكة من المياه المحلاة ثماني مرات، من 277 مليون متر مكعب سنويا حاليا إلى 2.3 مليار متر مكعب في أفق 2040، مما يعكس وعيا متزايدا بضرورة تأمين موارد مائية بديلة ومستدامة في ظل تراجع المصادر التقليدية.
ويعتمد المغرب حاليا على 16 محطة لتحلية المياه، تتركز أغلبها في الأقاليم الجنوبية، حيث ساهمت بشكل فعال في تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب، خصوصا في سياقات الجفاف المتكرر. وفي سياق تسريع وتيرة الإنجاز، يشهد المغرب بناء خمس محطات جديدة بطاقة إنتاجية تصل إلى 430 مليون متر مكعب سنويا، من أبرزها محطة جهة الدار البيضاء سطات، التي ستصبح الأكبر على مستوى القارة الإفريقية، بطاقة سنوية تناهز 300 مليون متر مكعب.
وأكد يونس العبدي، رئيس مصلحة تدبير الماء بالمديرية العامة للهيدروليك لوسائل إعلامية, أن طموحات المغرب لا تقف عند هذا الحد، بل تشمل أيضا إحداث 13 محطة إضافية موزعة على مختلف جهات البلاد، ضمنها الرباط وطنجة وسوس ماسة والجهة الشرقية. ويأتي هذا التوسع في إطار رؤية شاملة تهدف إلى دعم قطاعات اقتصادية حيوية مثل الفلاحة والسياحة والصناعة، مع حماية الفرشات المائية من الاستنزاف، حسب ما أكده يونس العبدي، رئيس مصلحة تدبير الماء بالمديرية العامة للهيدروليك.
وتتميز هذه الاستراتيجية بتبني نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، واعتماد الطاقات المتجددة لتقليص البصمة البيئية لمحطات التحلية. ويسعى المغرب من خلال هذه المحطات إلى إنتاج مليار متر مكعب سنويا في 2027، وصولا إلى 2.3 مليار في 2040 .وبين الأهداف المعلنة والطموحات المعلقة، يبقى السؤال المطروح: هل فعلا ستنجح تحلية البحر في تعويض ضعف الموارد التقليدية وتأمين الأمن المائي للمغرب قبل فوات الأوان؟