المسيرة الخضراء: خمسون عاما من التلاحم الوطني والانتصار الدبلوماسي

تظل المسيرة الخضراء، بعد مرور خمسين عاما على انطلاقها، حدثا استثنائيا في تاريخ المغرب الحديث، ورمزا خالدا للوحدة الوطنية والتلاحم بين الملك والشعب. وقد توج هذا المسار الوطني بانتصار دبلوماسي بارز في مجلس الأمن الدولي، الذي صادق مؤخرا على القرار رقم 2797، مؤكدا السيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو انتصار يعكس النهج المتزن الذي ميز الدبلوماسية المغربية خلال العقود الأخيرة.

ففي السادس من نونبر 1975، لبى 350 ألف مغربي ومغربية نداء الملك الراحل الحسن الثاني، حاملين المصحف الشريف والعلم الوطني، في مسيرة سلمية نحو الصحراء المغربية لاسترجاعها من الاستعمار الإسباني. كانت تلك اللحظة تجسيدا لوحدة الأمة وإيمانها بحقها المشروع في استكمال سيادتها الترابية، حيث أكد رأي محكمة العدل الدولية حينها وجود روابط البيعة والولاء بين القبائل الصحراوية وسلاطين المغرب، مما أضفى الشرعية القانونية على الخطوة التاريخية.

وبعد نصف قرن، تواصل المسيرة الخضراء إشعاعها كمنارة وطنية تلهم الأجيال الجديدة في مسيرة البناء والتنمية. فقد تحولت الأقاليم الجنوبية إلى قطب اقتصادي وتنموي واعد بفضل النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015، والذي جعل الإنسان في صلب العملية التنموية. وتعرف مدن الصحراء المغربية اليوم دينامية شاملة تجسدت في مشاريع البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والاستثمار، بما يعزز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة ضمن المسار الوطني العام.

وتوازي هذه التحولات الداخلية دبلوماسية مغربية ناجحة يقودها الملك محمد السادس بحكمة وواقعية، حيث تمكنت المملكة من ترسيخ موقعها كشريك موثوق في الدفاع عن الاستقرار والسلم الإقليمي. وقد حظي المقترح المغربي للحكم الذاتي بدعم واسع من القوى الدولية الكبرى، باعتباره الحل الواقعي والوحيد للنزاع الإقليمي المفتعل، فيما كرس القرار الأممي الأخير الاعتراف المتزايد بمغربية الصحراء وبمشروعية الموقف المغربي.

وبينما يحتفي المغرب بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، فإنها تظل أكثر من مجرد ذكرى تاريخية، إنها درس دائم في الوطنية والالتزام، ورافعة لمواصلة مسيرة التشييد والتقدم. ومع تجدد القسم الوطني بالوفاء لروح المسيرة ومبادئها الخالدة، يمضي المغرب، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، بخطى واثقة نحو مستقبل زاهر، عنوانه الوحدة والسيادة والتنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

الجبهة الوطنية البتسوانية ترحب بقرار مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية (فيديو)

المنشور التالي

إصابة أشرف حكيمي تقلق باريس والمغرب وتهدد مشاركته في “الكان”

المقالات ذات الصلة