في تقرير لموقع “سكاي نيوز الإخبارية”, كشف باحثون من المملكة المتحدة في دراسة حديثة نشرت في مجلة ERJ Open Research، عن علاقة مقلقة بين العمل الليلي وإصابة النساء بالربو، لاسيما في حالاته المتوسطة والشديدة. وبينما بدت هذه العلاقة واضحة لدى النساء، لم تظهر البيانات ذاتها التأثير نفسه على الرجال، وهذا ما يفتح الباب لتساؤلات حول خصوصية الأثر البيولوجي للعمل الليلي على الجسد الأنثوي.
وقد اعتمد الفريق العلمي على تحليل معطيات ضخمة استخلصت من “بيوبنك المملكة المتحدة”، وهي قاعدة بيانات طبية تضم أكثر من 274 ألف عامل وعاملة. ومن خلال هذه العينة الواسعة، تبين أن 5.3% من المشاركين يعانون من الربو، فيما سجل الربو المعتدل أو الشديد لدى 1.9%. وما ميز هذه الدراسة هو ربطها المباشر بين زيادة عدد المناوبات الليلية شهريا وارتفاع احتمال الإصابة، وهو ما يجعل التكرار الزمني عاملا مضاعفا للخطر.
أما التفسير العلمي لهذا الارتباط، فظل في دائرة الاحتمالات, فقد أشار الباحث روبرت مادستون، من كلية العلوم البيولوجية في جامعة مانشستر، إلى صعوبة الجزم بسبب العلاقة، لكنه رجح أن اضطراب الساعة البيولوجية أو تغيرات الهرمونات بين الذكور والإناث قد تلعب دورا محوريا. وتبقى فرضية الخلل في الإيقاع اليومي للجسم، الذي ينسق أنشطة حيوية من التنفس إلى إفراز الهرمونات، من أبرز الأسباب المطروحة.
واللافت في الأمر هو أن الدراسة لم تغفل تأثير العمل الليلي على الرجال، لكنها لم تجد الرابط الإحصائي نفسه الذي وجد لدى النساء. ومع ذلك، سجلت ارتفاعا عاما في احتمالات الربو بين من يعملون ليلا مقارنة بمن يلتزمون بالدوام النهاري، مما يشير إلى أن الخطر لا يقتصر على النساء وحدهن، بل يتفاوت في حدته فقط.
فالربو إذن، ذلك المرض المزمن الذي يختبئ خلف ضيق النفس والسعال الليلي، والذي يفتك يوميا بتسعة أشخاص في الولايات المتحدة وحدها. وإن كانت هذه الدراسة لا تمنح إجابة نهائية، فإنها تدق ناقوس الخطر بشأن تأثيرات العمل الليلي الخفية، خصوصا على صحة النساء، وتدعو إلى إعادة النظر في أنماط العمل التي تنهك الجسد بصمت.