في خطوة استراتيجية تعكس التوجه المغربي نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، تستعد شركة “يورانيكست” (Uranext) لإطلاق أول مصنع وطني لإنتاج “الكعكة الصفراء” (U₃O₈)، وهو الشكل المركز من أوكسيد اليورانيوم الذي يستخدم كمرحلة وسيطة في تصنيع الوقود النووي. ويقع هذا المشروع الرائد في جماعة مولاي عبد الله بإقليم الجديدة، ويأتي باستثمار يناهز 100 مليون دولار، ضمن منظومة InnovX التابعة لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، وبدعم من المكتب الشريف للفوسفاط (OCP), حسب موقع LE DESK.
ويعتمد المشروع على خاصية فريدة يتميز بها الفوسفاط المغربي، وهي تركيزه العالي نسبيا من اليورانيوم الذي يتراوح بين 50 إلى 100 جزء في المليون، ما يضع المملكة في موقع متميز على خريطة الطاقة النووية العالمية. وتتم عملية استخلاص “اليورانيوم المركز” أثناء إنتاج حمض الفوسفوريك، حيث يتم استخراج اليورانيوم كناتج ثانوي من المخرجات الصناعية، مثل الحمض والفوسفوجيبس، بنسبة تصل إلى أكثر من 80% اعتمادًا على تقنيات الاستخلاص الحديثة وكفاءة المعالجة.
ومن المتوقع أن يكون المشروع نقطة انطلاق نحو صناعة نووية مغربية متكاملة، إذ تخطط الشركة لإحداث 12 وحدة إنتاج إضافية في أفق سنة 2030، بالاعتماد على تكنولوجيا محلية واعدة تعرف بـ”التبادل الأيوني” (CIX). ولم يكن اختيار موقع المشروع اعتباطيا، بل تم اختياره بالقرب من المجمع الصناعي للجرف الأصفر التابع لمجموعة OCP، بهدف ضمان تكامل لوجستي مثالي يسهل عمليات النقل والمعالجة. ومن المنتظر أن تنطلق أشغال البناء فور الانتهاء من استصدار التراخيص التنظيمية، التي بدأت أولى مراحلها التنظيمية بالفعل في 9 ماي 2025.
ويمثل هذا المشروع قفزة نوعية في المشهد الطاقي المغربي، ليس فقط لما يحمله من إمكانيات اقتصادية وبيئية، بل أيضا لما يفتحه من آفاق في مجال الابتكار الصناعي والبحث العلمي، معززا مكانة المغرب كفاعل ناشئ في مجال التكنولوجيا النووية السلمية ومساهم أساسي في الجهود العالمية لتحقيق انتقال طاقي أكثر نظافة واستدامة.