مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تزدهر أنشطة الأحزاب السياسية في مجال العمل الاجتماعي، وكأنها اكتشفت فجأة معاناة الفئات الهشة وحاجة المواطنين للدعم. فتتحول حملات توزيع القفف، والقوافل الطبية، ومبادرات لمساعدة المحتاجين، إلى أدوات دعائية تسعى إلى كسب التعاطف وحصد الأصوات بدل أن تكون نابعة من حس إنساني عميق ومستمر. هذا الواقع يطرح تساؤلًا جوهريًا حول مدى صدق التزام هذه الأحزاب بالعمل الاجتماعي، وهل هو مجرد قنطرة للوصول إلى قبة البرلمان؟
إن الخلط بين العمل السياسي والعمل الاجتماعي خطر حقيقي، حيث يفترض أن يكون العمل الاجتماعي مبنيًا على الاستدامة والاستقلالية عن أي أجندة انتخابية. فلا يمكن حصره في فترات الحملات الانتخابية ثم إيقافه بمجرد انتهاء التصويت.
المغرب يحتاج اليوم إلى مشاريع تنموية حقيقية، وبرامج تمكن الشباب والنساء اقتصاديًا، لا مجرد مساعدات موسمية تحمل بين طياتها حسابات انتخابية أكثر من كونها حلولًا فعلية لمشاكل الفقر والتهميش. ولذلك، فمن الضروري إعادة النظر في دور العمل الاجتماعي وإبعاده عن الصراعات الحزبية الضيقة.
بالمقابل، فالدور الحقيقي لأحزابنا السياسية يتمثل في التركيز على تقديم برامج سياسية واقتصادية واجتماعية واقعية، قادرة على إحداث تغيير حقيقي، بعيدًا عن استغلال حاجات المواطنين لتحقيق مكاسب انتخابية آنية.