تشهد مهنة الصيدلة في المغرب حالة من الغليان بعد إعلان وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين طهراوي، عن إصلاحات جذرية في نظام تسعير الأدوية ومراجعة مدونة الصيدلة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأخيرة بمجلس النواب. هذه الخطوة، التي جاءت دون إشراك المهنيين، أثارت استياء عارماً في صفوف الصيادلة، دفعت بالكونفدرالية النقابية لصيادلة المغرب إلى الخروج ببلاغ نددت فيه بـ”النهج الأحادي” للوزارة، مطالبة بفتح حوار فوري وجاد.
وفي أعقاب اجتماع طارئ، عبّر رئيس الكونفدرالية، محمد لحبابي، في تصريح إعلامي عن استغرابه من اعتماد الوزارة أسلوب المفاجأة في قضايا تمس بشكل مباشر كيان المهنة، دون أي تشاور مسبق. وأضاف أن المهنيين يكتشفون عبر وسائل الإعلام تفاصيل إصلاحات تُعدّ مصيرية لمستقبلهم، في تغييب تام لمنطق الشراكة والتشاور، مما يعكس انعدام الثقة بين الوزارة وممثلي القطاع.
وحسب المعطيات التي قدّمتها الكونفدرالية، فإن الوزارة تجاهلت منذ أشهر طويلة طلبات اللقاء والتواصل، رغم الأزمة التي تمرّ بها المهنة، حيث يواجه ثلث الصيدليات خطر الإغلاق نتيجة تراكم الديون، وارتفاع كلفة الأدوية، وتأخر تعويضات صناديق التأمين. وفي هذا السياق، تعتبر تخفيض الأسعار دون استراتيجية دعم واضحة “انتحاراً اقتصادياً” قد يؤدي إلى زعزعة سلسلة التوزيع ويُهدد ولوج المواطنين إلى العلاج، كما حذرت إحدى الصيدلانيات.
وتعقيبًا على الجدل، أوضح الوزير طهراوي خلال مروره في مجلس النواب أن الإصلاح المزمع يهدف إلى التوفيق بين القدرة الشرائية للمواطن وضمان ولوج مستدام وآمن للأدوية، بما في ذلك العلاجات المبتكرة، في إطار نظام تسعير عادل وشفاف يرتكز على مراجع دولية مع مراعاة الخصوصية الوطنية. كما أشار إلى أن هذا التوجه يُعد جزءاً من الرؤية الملكية لإصلاح شامل للمنظومة الصحية، حيث تم بالفعل إطلاق الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية كرافعة مؤسساتية لهذا التحول.
ورغم ما أكده الوزير من نوايا إصلاحية، فإن المهنة ترى في غياب التشاور مؤشراً خطيراً، وتهدد بتصعيد غير مسبوق في حال عدم الاستجابة لمطالبها المشروعة. فالصيادلة، الذين يعتبرون أن الإصلاح لا يمكن أن يُبنى على حسابهم، يلوّحون بخطوات احتجاجية تصعيدية في حال استمرار تجاهل صوتهم. وتبدو الوزارة أمام مفترق طرق حاسم: إما الاستماع الحقيقي للمهنيين أو فتح باب أزمة جديدة في قطاع يعتبر من الأعمدة الحيوية للمنظومة الصحية بالمغرب.
