عاد الصحافي المغربي محمد البقالي، مراسل قناة الجزيرة القطرية، صباح يومه الثلاثاء 29 يوليوز 2025، إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وسط حضور عدد من النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية، وذلك بعد أن تم ترحيله من طرف السلطات الإسرائيلية إلى المغرب عبر مطار شارل ديغول في باريس، الذي وصله مساء أمس الاثنين, عقب احتجازه من على متن سفينة “حنظلة” التي كانت متجهة نحو غزة ضمن أسطول الحرية.

وفي أول تصريح له، عبر البقالي، مراسل قناة الجزيرة، لوسائل الإعلام عن امتنانه العميق للشعب المغربي، قائلا إنه أدرك بعد الإفراج عنه حجم التعاطف الشعبي المغربي مع فلسطين، مشيرا إلى أن هذا التضامن يفسر لماذا يوجد باب وحارة باسم المغاربة في قلب القدس، وهو ما يعكس المكانة الخاصة التي تحتلها القضية الفلسطينية في الوجدان المغربي.
واعتبر البقالي أن دعم المغاربة لسفينة “حنظلة” لم يكن تضامنا مع وسيلة، بل مع قضية إنسانية عادلة، مؤكدا أن فشل السفينة في الوصول إلى غزة لا يعد إخفاقا، بل شكل إحراجا كبيرا للاحتلال وساهم في كسر حاجز الصمت عن معاناة سكان القطاع المحاصر، الذين يموت مئات الآلاف منهم جوعا وسط تجاهل دولي متزايد.
وكشف البقالي تفاصيل عن لحظات الاعتقال والتحقيق، حيث أقدمت قوات البحرية الإسرائيلية على اقتحام السفينة في عرض المياه الدولية، واحتجاز نشطاء وصحافيين ونشطاء من خلفيات متعددة. وأوضح أن تعامل الجنود الإسرائيليين خلال التحقيق كان “سيئا جدا”، ووصفهم للمحتجزين بأوصاف مهينة، مثل “الجرذان” و”الذباب”.
وأشار البقالي إلى أن الاحتلال حاول استغلال الحدث في حملة علاقات عامة من خلال تقديم الطعام والشراب للنشطاء أمام الكاميرات، لكن الفريق أعلن إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ اللحظة الأولى، ما أفشل تلك المحاولة الدعائية. كما تم تهديدهم بتهم تتعلق بـ”تنظيم منظمة إرهابية” و”اقتحام منطقة عسكرية”، إلا أن السلطات الإسرائيلية لم تُلزمهم بعدم العودة لغزة مستقبلاً.
وأكد أن الوثيقة التي طلب منه توقيعها تضمنت فقط قرار الترحيل خلال 72 ساعة، مشيرا إلى أن الذين رفضوا التوقيع أبلغوا بأنهم سيعرضون على المحكمة. وكان الإفراج عن البقالي قد تم أمس الاثنين 28 يوليوز، إلى جانب أربعة نشطاء آخرين، وتم ترحيلهم إلى باريس، ومنها إلى الداراالبيضاء
وكان في استقبال صحافي الجزيرة، عدد من النشطاء والسياسيين والصحافيين، فضلا عن المواطنين المتضامنين، من بينهم ممثلون عن الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ومجموعة العمل الوطنية لأجل فلسطين، والهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين.

وكان الصحافي المغربي في مهمة إعلامية لتغطية رحلة “حنظلة” الإنسانية، التي انطلقت يوم 20 يوليوز من ميناء غاليبولي الإيطالي، ضمن تحالف أسطول الحرية. وضمت السفينة نحو 20 متطوعا من مختلف الجنسيات، يهوديين أحدهما أمريكي والآخر إسرائيلي أمريكي في محاولة رمزية وسلمية لكسر الحصار البحري على غزة المستمر منذ أكثر من 18 سنة.
وتعد “حنظلة” المحاولة رقم 37 في إطار أسطول الحرية، الذي ما زال يواجه التضييق الإسرائيلي المستمر. ورغم فشل الرحلة في الوصول إلى هدفها، إلا أن محمد البقالي اعتبر أن السفينة “لم تفك الحصار، لكنها بالتأكيد حاصرته”، مشددًا على أن البطولة الحقيقية ليست له ولرفاقه، بل للشعب الفلسطيني الصامد في غزة، الذي يدفع الثمن يوميًا بصمت العالم.