عقدت الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية اجتماعا استثنائيا بالدار البيضاء، في سياق اجتماعي وسياسي متسم بتعالي أصوات شبابية مطالبة بتحسين الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة والتعليم. البلاغ الصادر عقب الاجتماع حمل رسائل مزدوجة: من جهة، تأكيد على مشروعية هذه المطالب وتفهم دوافعها، ومن جهة أخرى، دفاع عن جهود الحكومة في مواجهة إرث ثقيل ومعقد تراكم عبر عقود.
لكن بين السطور، يظهر أن الشبيبة التجمعية تسعى إلى الإمساك بالعصا من الوسط، فهي لا تنفي ما تحقق في بعض أوراش الإصلاح، لكنها في الوقت ذاته تحذر من بطء وتيرة الإنجاز ومن ضعف المجهود التواصلي الذي يترك فراغا تستغله حملات التشكيك والتأليب في الفضاء العام والرقمي. الشبيبة هنا تلعب دور “الإنذار الداخلي”، داعية إلى انفتاح أكبر وإلى تجاوز الأساليب الكلاسيكية في التواصل مع المواطنين، خصوصا الفئات الشابة.
الرسالة الأبرز التي وجهتها الفيدرالية تمثلت في مطالبتها الحكومة بالاقتراب أكثر من الشباب عبر لقاءات ميدانية مبتكرة، تتيح النقاش المباشر حول أولويات الإصلاح، بدل الاكتفاء بالبلاغات الرسمية أو الخطابات العامة. هذه الدعوة تعكس وعيا متزايدا لدى الشبيبة بأن المعركة لم تعد فقط في عمق الملفات الاجتماعية، بل أيضا في ساحة الثقة بين المواطن ومؤسساته.
كما شدد البلاغ على أهمية تحصين الاحتجاجات السلمية من محاولات الركوب أو التسييس الضيق، وعلى ضرورة مواجهة حملات التضليل الرقمي التي تغذي الإحباط. وفي المقابل، عبّرت الشبيبة عن اعتزازها بالمؤسسات الأمنية وبطريقة تدبيرها للاحتجاجات، معتبرة أن الاستقرار الوطني يظل خطا أحمر لا يقبل المساومة.
في النهاية، يظهر أن الشبيبة التجمعية اختارت موقعا وسطا: دعم الحكومة في جهودها، مع الدعوة إلى الإسراع في تنزيل الإصلاحات وتكثيف التواصل مع الرأي العام. إنها محاولة للحفاظ على التوازن بين واجب الدفاع عن تجربة حكومية يقودها الحزب، وبين التعبير عن نبض الشباب الذي ينتظر تغييرا ملموسا يوازي حجم التحديات