السودان على شفا المجاعة.. الجوع يفتك ثلثي السكان

يعيش أكثر من ثلثي سكان السودان على أقل من دولارين ونصف في اليوم، وفقا لما جاء به البنك الدولي من تقديرات، وهو مبلغ لا يكفي سوى لتأمين وجبة واحدة يوميا، وغالبا ما تكون خالية من أي مصدر بروتيني كاللحوم مثلا. ووسط ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 188% خلال عام 2024، بقيت الأجور جامدة عند مستويات متدنية، لا تتجاوز في بعض المهن كالتدريس والعمل اليدوي 60 دولارا شهريا، وهذا ما أدى إلى اتساع رقعة الفقر الغذائي في بلد يعيش على وقع حرب مستمرة.

وساهم القتال المستمر منذ أكثر من عامين في تدمير البنية التحتية وخنق سبل العيش، لا سيما في الريف الذي يعتمد على الزراعة. وفي الولاية الشمالية، أدى الانقطاع المتكرر للكهرباء إلى فشل ثلاثة مواسم زراعية متتالية. وأكد علي شريف، أحد مزارعي دنقلا، إلى “سكاي نيوز ” أن محصوله تقلص بأكثر من 80 بالمئة، مما جعله غير قادر على تأمين الطعام لأسرته، بعد أن كان يكتفي بمزرعته الصغيرة. وتعاني مناطق الشمال من ضغط سكاني كبير بسبب تدفق النازحين من الخرطوم ومناطق الحرب، ما زاد من استنزاف الموارد.

ورغم هدوء نسبي في بعض أحياء العاصمة، إلا أن الكثير من السكان ما زالوا عاجزين عن العودة إلى ديارهم. من بينهم نعيمة حسين، وهي أم لستة أطفال، عادت إلى منزلها في جنوب الخرطوم، لكنها وجدت نفسها أمام واقع أشد قسوة, حيث قالت ل”سكاي نيوز” هي الأخرى إن أطفالها يقتاتون على وجبة واحدة فقط في اليوم، في ظل ارتفاع الأسعار وشح المياه النظيفة بسبب انقطاع الكهرباء.

ويحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن خطر المجاعة بات يهدد فعليا مناطق واسعة من السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. وأكد لوران بوكيرا، أحد مسؤولي البرنامج، أن المجتمعات الواقعة على خطوط المواجهة وصلت إلى “نقطة الانهيار”، ولم تعد قادرة على استيعاب النازحين أو تأمين احتياجاتهم, كما لفت إلى أن النقص الحاد في التمويل أدى إلى تقليص الحصص الغذائية، بما فيها المواد الأساسية والمكملات الحيوية للأطفال والحوامل.

روغم تصدر السودان قائمة الطوارئ العالمية للسنة الثانية على التوالي، فإن المجتمع الدولي لا يزال عاجزا عن توفير التمويل اللازم لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية، إذ يعاني البرنامج من عجز يتجاوز 85% من حاجاته لعام 2025. ومع تواصل النزاع وتفاقم الأزمات، يصبح التدخل العاجل ضرورة إنسانية قصوى، وليس مجرد خيار سياسي، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعب ينهار تحت وطأة الحرب والجوع والنسيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

إطلاق موقع THEPRESS.fr: منصة جديدة للإعلام الفرنكوفوني الجاد والمستقل

المنشور التالي

دراسة حديثة: تحسين الصحة النفسية يقلل من خطر فقدان الذاكرة

المقالات ذات الصلة