أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن المقاولات المغربية تواجه تحديات هيكلية معقدة، تؤثر بشكل مباشر على ديناميتها واستمراريتها. وأوضح الوزير، في جوابه على سؤال كتابي للنائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي، أن من بين أبرز هذه التحديات صعوبة الولوج إلى التمويل، والانعكاسات المستمرة للأزمات الجيوسياسية وجائحة كوفيد-19، إلى جانب الضغوط التضخمية والحاجة الملحة إلى تحديث شامل يواكب التحول الرقمي ويُيسر الاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
وسجل المسؤول الحكومي أن التعقيد القانوني وضعف الاستقرار الاقتصادي يعرقلان الانتقال نحو الاقتصاد الرسمي، مشيرا إلى أن أكثر من 70% من أنشطة ريادة الأعمال في المغرب تتم خارج الإطار المنظم، بحسب دراسة صادرة عن البنك الإفريقي للتنمية. وأبرز أن هذه الوضعية تؤثر سلباً على مردودية النسيج المقاولاتي، وتحد من قدرته على خلق فرص الشغل والرفع من الإنتاجية، في ظل غياب آليات دعم فعالة وشاملة تواكب هذا القطاع.
وفي ما يتعلق بريادة الأعمال النسائية، أوضح الوزير أن النساء لا يمثلن سوى 22% من أصحاب المقاولات، في حين تبلغ نسبتهن بين رواد الأعمال المحتملين حوالي 44%. هذا المعطى يعكس، حسب السكوري، وجود طموح نسائي متزايد نحو المبادرة المقاولاتية، إلا أن ضعف التمويل والتكوين يبقى من أبرز العوائق التي تحول دون تحويل هذا الطموح إلى مشاريع قائمة، خصوصاً في صفوف النساء.
وكشفت معطيات الدراسة المعتمدة أن نحو 25% من السكان البالغين في المغرب يتوفرون على قدرات ريادية، يتوزعون بين 9% من رواد الأعمال الفعليين و16% من الرواد المحتملين. كما أظهرت الأرقام أن 57% من هؤلاء ينخرطون في ريادة الأعمال بدافع الحاجة، وغالبا ما تتركز مشاريعهم في نطاق المقاولات الصغيرة جداً أو المتوسطة ذات الإنتاجية المحدودة، حيث أن 50% من هؤلاء هم مقاولون ذاتيون و40% يديرون وحدات لا يتجاوز عدد مستخدميها ثلاثة.
وعلى مستوى تطور عدد المقاولات، أفاد السكوري بأنه تم إحداث 95,235 مقاولة خلال سنة 2024، موزعة بين 67,535 مقاولة خاصة بالأشخاص الاعتباريين و27,700 خاصة بالأشخاص الذاتيين. كما ارتفع عدد المقاولات النشيطة المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أكثر من 255 ألف سنة 2019 إلى أكثر من 332 ألف في 2023. وتُشكّل المقاولات الصغرى التي توظف أقل من 50 أجيراً حوالي 97% من مجموع المقاولات النشيطة، وتوفر ما يقارب 36% من مناصب الشغل.
أما بخصوص استدامة المقاولات، فكشف الوزير أن معدل البقاء في السوق بعد خمس سنوات يبلغ نحو 53%، فيما يصل إلى 62.14% لدى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة. ومع ذلك، تظل نسب النمو محدودة، إذ لم تتجاوز نسبة انتقال المقاولات إلى فئات أكبر 2% فقط، وهو ما يبرز الحاجة إلى إصلاحات هيكلية شاملة تعزز إمكانيات النمو وتبسط مساطر الإغلاق والإدماج الرسمي، في ظل تسجيل معدل خروج فعلي من السوق يصل إلى 7.3%، مقابل 1.2% فقط بشكل رسمي.