انطلقت في الرباط مبادرة أكاديمية طموحة تحت عنوان “جامعة المعارف الجديدة”، تسعى إلى إحداث تحول نوعي في العلاقة بين الجامعة والمجتمع وسط تطورات الذكاء الاصطناعي والتحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها المغرب والعالم. وتفتح هذه المبادرة, التي تشرف عليها المدرسة العليا للتدبير (HEM) بشراكة مع منظمة الإيسيسكو، وبدعم من المعهد الفرنسي بالمغرب ومؤسسة هاينريش بول،فضاء جديدا لتوسيع آفاق التفكير الجماعي حول الذكاء الاصطناعي، التغيرات البيئية والاجتماعية، ومستقبل العمل والمعرفة.
وتنظم “جامعة المعارف الجديدة” سلسلة من اللقاءات المفتوحة والمجانية في الفترة الممتدة من 20 ماي إلى 26 يونيو، بالشراكة مع أربع جامعات عمومية مغربية بارزة وهي جامعة محمد الخامس بالرباط، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، جامعة الحسن الأول بسطات، وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. وتهدف هذه اللقاءات إلى تقريب النقاشات العلمية من الجمهور الواسع، وتعميم الوعي بالتحديات الكبرى التي تفرضها الثورة الرقمية على الأفراد والمؤسسات والمجتمعات.
وفي كلمتها الافتتاحية، نبهت وزيرة الانتقال الرقمي أمل الفلاح السغروشني، أول أمس الاثنين 19 ماي 2025 إلى خطورة التحولات الرقمية الجارية، موضحة أن أكثر من 80% من المهن التقليدية مهددة بالاندثار في المستقبل القريب، خصوصا في بلدان الجنوب. وشددت المتحدثة على أن الرقمنة لم تعد مجرد انتقال تقني، بل أصبحت سؤالا وجوديا يستدعي من الجامعة أن تتجاوز دورها التقليدي نحو لعب دور قيادي في ترسيخ قيم المواطنة الرقمية، ومرافقة المجتمع في إعادة تشكيل تصوراته للعالم والمهارات والمعنى.
وتوزع الفعاليات على مواقع جامعية متعددة، من بينها مكتبة محمد سكات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدرسة التجارة التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة الحسن الأول في سطات. وتُختتم المبادرة بحفل لتوزيع شهادات المشاركة بمقر منظمة الإيسيسكو، تكريمًا للانخراط والتفاعل الفكري الواسع مع محاور اللقاءات.
ويشارك في تأطير النقاشات عدد من المفكرين والخبراء من داخل المغرب وخارجه، من بينهم زكريا أبو الذهب، سليمة المنجرة، منال العبويبي، والمفكر الفرنسي تيري فابر. ويعكس هذا الانفتاح الدولي الطابع العابر للحدود للتحديات المطروحة، كما يكرس رؤية المبادرة في جعل الجامعة قوة نقدية خلاقة، تسائل التكنولوجيا وتوجهها نحو خدمة الإنسان، في سعي جماعي لبناء مستقبل رقمي عادل، شامل ومستدام.
