يشهد سوق الرفاهية في إفريقيا تحولًا لافتًا، بعدما كان حكرًا على نخبة محدودة تضطر للسفر إلى باريس أو لندن أو ميلانو لاقتناء منتجاتها المفضلة. اليوم، باتت علامات عالمية مثل كارتييه وشوبارد ورولكس في متناول العملاء مباشرة في مدن مثل أبيدجان والدار البيضاء وداكار وتونس. هذه الطفرة جاءت بفضل موزعين محليين نقلوا عالم الرفاهية من العواصم الأوروبية إلى قلب إفريقيا، ما جعل هذه القارة سوقًا واعدًا لا يمكن للشركات تجاهله.
ويؤكد خبراء القطاع، مثل إيزار هياسينت، مؤسسة شركة “Concretiz”، أن الأسواق الناطقة بالفرنسية بدأت تجذب الأنظار رغم حجمها الأصغر مقارنة بالأسواق الأنغلوفونية. وتوضح أن ساحل العاج، على سبيل المثال، تحولت إلى وجهة محورية للقطاع بفضل ديناميكيتها الاقتصادية وصعود قطاع الضيافة الفاخرة، بينما يشير افتتاح فندق سوفيتيل في كوتونو إلى دخول مدن أصغر على خط المنافسة. الرهان، بحسبها، يكمن في “رفاهية متكيفة مع إفريقيا”، تراعي الثقافة المحلية وتضمن تجربة تضاهي كبرى العواصم.
الأرقام تدعم هذا الاتجاه، إذ يقدّر حجم سوق الرفاهية في إفريقيا بحوالي 5,9 مليارات دولار سنويًا مع معدل نمو يبلغ 10%، وفق دراسة أجريت عام 2023. وتتصدر جنوب إفريقيا القائمة بإيرادات تناهز 2,3 مليار دولار، تليها كينيا ونيجيريا، بينما يواصل المغرب ومصر تعزيز موقعهما. هذا النمو مدفوع بصعود الطبقة الوسطى العليا وتزايد أعداد الأثرياء المحليين، ما جعل القارة محط اهتمام العلامات الأوروبية الباحثة عن أسواق جديدة.
استراتيجيات التوسع متنوعة، حيث تعتمد بعض العلامات على الفروع المباشرة كما في الدار البيضاء ، حيث يجتمع لويس فويتون وغوتشي وديور في “موروكو مول”. في المقابل، تختار علامات أخرى نموذج الشبكات متعددة العلامات، مثل إيف سان لوران في الجزائر وهيوغو بوس في مصر وكالفن كلاين في نيجيريا. هذه المقاربة تقلل المخاطر وتسمح بالاستفادة من خبرة الموزعين المحليين، لكنها تفرض في الوقت نفسه الحرص على حماية صورة العلامة وضمان تجربة فاخرة متكاملة.
رغم أن وجود الرفاهية الأوروبية في إفريقيا الفرنكوفونية ما زال خجولًا مقارنة بالأسواق الأنغلوفونية، إلا أن مؤشرات عدة تدل على صعود تدريجي. ففي السنغال، مثلًا، تنظم ديور أركانًا مؤقتة تستقطب جمهورًا شغوفًا، بينما تواصل أبيدجان لعب دور “المركز الإقليمي” بفضل اقتصادها النامي ومكانتها الثقافية. ومع تحسن مؤشرات النمو، مثل ارتفاع اقتصاد ساحل العاج بنسبة 6,3%، ووجود سوق ضخم في الكونغو الديمقراطية بعدد سكان يفوق 100 مليون نسمة، يبدو أن علاقة إفريقيا الفرانكوفونية بعالم الرفاهية الأوروبية مقبلة على مرحلة جديدة أكثر رسوخًا وازدهارًا.