عيد العرش (ملف خاص).. المغرب والصين يعززان شراكتهما الاستراتيجية نحو مستقبل مشترك

بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية، يشكل عام 2025 محطة هامة في مسار تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية، التي تشهد تطورًا متسارعًا في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتكنولوجية. وتأتي هذه المناسبة العزيزة لتعكس عمق الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المغرب بتاريخ 21 نوفمبر 2024، حيث استُقبل في مطار محمد الخامس الدولي من قبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في استقبال رسمي يعبّر عن متانة العلاقات بين البلدين، وذلك بتعليمات سامية من جلالة الملك. وقد شكل هذا الحدث الدبلوماسي مناسبة لتأكيد عمق الشراكة المغربية الصينية، وتعزيز آفاق التعاون في مجالات البنية التحتية، الاقتصاد، والثقافة.

وفي خطوة رمزية وعملية تؤكد متانة الروابط بين البلدين، أعلنت الشركة الوطنية للخطوط الملكية المغربية عن استئناف تشغيل الخط الجوي المباشر بين مطاري الدار البيضاء وبكين، ابتداءً من يناير 2025، بثلاث رحلات أسبوعية باستخدام طائرات حديثة من طراز Dreamliner، مع خطة لتوسيع الترددات إلى سبع رحلات أسبوعية. ويُعد هذا القرار تطورًا استراتيجيًا يهدف إلى تعزيز التواصل والتبادل التجاري والسياحي بين شمال إفريقيا وشرق آسيا.

شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموًا ملحوظًا خلال هذا العام، حيث تجاوز حجم المبادلات التجارية 7 مليارات دولار أمريكي، مع زيادة واضحة في الاستثمارات الصينية في قطاعات حيوية بالمملكة، تشمل النقل، والصناعة التحويلية، والطاقة المتجددة، والنسيج.

من بين المشاريع الكبرى التي تم الإعلان عنها، إنشاء مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية من قبل شركة Gotion High Tech بالقرب من القنيطرة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 جيجاوات ساعة، إلى جانب مشاريع أخرى لشركات صينية مثل Hailiang وBTR لإنشاء مصانع لإنتاج مكونات البطاريات في مناطق طنجة والجرف الأصفر.

وفي إطار التعاون البيئي، تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين تمتد للفترة 2025-2027، تستهدف تحسين إدارة الموارد المائية، والتصدي لتحديات الجفاف والفيضانات، وتطوير تقنيات الري في المناطق القروية، مستفيدة من الخبرات والتقنيات الصينية المتقدمة في هذا المجال.

وعلى صعيد التكنولوجيا والابتكار، شكلت مشاركة الشركات الصينية في معرض GITEX Africa 2025 بمراكش فرصة مهمة لتعزيز التعاون في ميادين الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والتمويل الرقمي، بما يتماشى مع رؤية المغرب 2030.

كما يواصل معهد كونفوشيوس المنتشر في الرباط والدار البيضاء وتطوان جهوده لتعزيز التبادل الثقافي وتعميق الفهم المتبادل بين الشعبين المغربي والصيني. وشارك المغرب بوفد رفيع المستوى في المنتدى الصيني-العربي الذي انعقد في هينان، حيث تم التأكيد على أهمية إطلاق منصة رقمية مشتركة، وتعزيز برامج التدريب في مجالات الذكاء الاصطناعي.

وقد أشاد سفير جمهورية الصين الشعبية بالمغرب في عدة مناسبات بالدور المحوري لجلالة الملك في ترسيخ مكانة المغرب كقنطرة للتواصل بين إفريقيا والعالم، مؤكدًا على أن العلاقات المغربية-الصينية تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون جنوب-جنوب، مثنيًا على التوازن الحكيم الذي تنتهجه المملكة في سياستها الخارجية، والتي تمكنها من بناء علاقات قوية ومتوازنة مع مختلف الشركاء الدوليين.

في الختام، تأتي الذكرى المجيدة لعيد العرش، التي يحتفل بها المغاربة كل سنة بتجديد الولاء والانتماء، كمناسبة لاستحضار ما حققه المغرب من إنجازات على مختلف الأصعدة، ومن ضمنها توطيد علاقاته الدولية، وعلى رأسها العلاقة المتنامية مع جمهورية الصين الشعبية. فهذه الشراكة، التي تستند إلى الاحترام المتبادل والتعاون المثمر، تعكس رؤية جلالة الملك محمد السادس في تعزيز انفتاح المغرب على شركاء متنوعين، وخاصة في آسيا. ومع تجدد العهد بين العرش والشعب، تتجدد أيضًا آفاق التعاون المغربي الصيني نحو مستقبل مشترك من التنمية والاستقرار والازدهار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

عيد العرش (ملف خاص).. المغرب ومصر يجسدان قوة الصداقة وروح التعاون العربي

المنشور التالي

الملك محمد السادس يترأس احتفالات عيد العرش بمدينة المضيق

المقالات ذات الصلة