الدبلوماسية الدينية المغربية.. اعتدال ديني تحت مظلة إمارة المؤمنين

برزت الدبلوماسية الدينية في المغرب كإحدى أدوات القوة الناعمة التي توظفها المملكة لتعزيز علاقاتها الخارجية، ومواجهة التحديات الأمنية والثقافية في محيطها الإفريقي والدولي، حيث يندرج هذا التوجه ضمن رؤية استراتيجية تجمع بين تجديد الحقل الديني داخليا وتصدير نموذج الاعتدال والوسطية خارجيا تحت إشراف مؤسسة إمارة المؤمنين.

وبخصوص هذا الموضوع صرح احمد شقير الباحث في العلوم السياسية لموقع THE PRESS, ان من الصعب علميا إطلاق الدبلوماسية الدينية كمجال مختص بوزارة الشؤون الخارجية، لأن السياسة الخارجية مجال محفوظ للملك, لكن بوصف الملك أميرا للمؤمنين تعتبر بعض مبادراته مثل ترؤسه للجنة القدس أو بناء المساجد في دول إفريقية ضمن هذا الإطار. مضيفا شقير أن هذه التحركات تحمل بعدا دينيا استراتيجيا، لكنها تختلف عن الدبلوماسية الرسمية التي تخضع لاتفاقيات فيينا وتتمتع بضمانات وامتيازات دبلوماسية.

ويميز المغرب نفسه عن باقي الدول الإسلامية عبر توظيف الدين في السياسة الخارجية، من خلال إرسال الوعاظ وتنظيم بعثات علمية وإنشاء معاهد لتكوين الأئمة الأفارقة, حيث يشير شقير أن هذه الممارسات لا تندرج ضمن الدبلوماسية التقليدية إذ لا تتمتع بامتيازات مثل الحقيبة الدبلوماسية أو الحصانة, لكنها تمثل بعدا روحيا يعزز من صورة المغرب كمرجعية دينية معتدلة.

ويقول شقير أن هذا التموقع الديني لا يأتي من فراغ بل يستند إلى رصيد تاريخي متجذر, فالمغرب يعد أحد الأقطاب الدينية الثلاثة في العالم الإسلامي كالشيعة التي تمثلها إيران والقطب السعودي ، وما يميزه هو مؤسسة “إمارة المؤمنين” التي لا نظير لها في باقي الدول الإسلامية، والتي ترسخت منذ عهد الموحدين. كما أن هذا العمق سمح للمغرب بمد إشعاعه الديني إلى إفريقيا حيث قام ملوك المغرب من محمد الخامس إلى محمد السادس، ببناء المساجد توزيع المصاحف وتكوين الأئمة في دول مثل مالي، موريتانيا، وساحل العاج.

و أوضح الباحث ان “الإسلام المغربي” الذي تروج له هذه الدبلوماسية يستند إلى ثلاث ركائز رئيسية: المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني, وهذا التكوين يجعل منه إسلاما وسطيا معتدلا, يقدم كبديل للتيارات المتطرفة، سواء الشيعية أو السلفية الجهادية.

من هنا تكتسب الدبلوماسية الدينية المغربية طابعا فريدا، ليس فقط لكونها تروج لنموذج ديني معتدل بل لأنها تحمل رسالة سياسية ضمنية، تؤكد على ريادة المغرب الدينية في إفريقيا والعالم الإسلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

موسم حج 2025 يشهد نجاحا استثنائيا دون حوادث

المنشور التالي

ترامب يخفف نبرته تجاه ماسك: “لن أوقف خدمة ستارلينك في البيت الأبيض”

المقالات ذات الصلة