الحصول على شهادة الباكالوريا في المغرب يفتح أمام كل طالب متشبت بحلم أكاديمي الفرصة للالتحاق بمدارس عليا وجامعات متخصصة وفقًا لتوجهه الأكاديمي. يكون الطالب عاقدًا آماله على تحقيق مبتغاه والتفوق في المجال الذي يعتبره فرصة لتحقيق الوجود والتفرد. وبصفتي خريجة إحدى المدارس العليا، يسرني التحدث عن مجموعة من التحديات المسكوت عنها التي يواجهها الطلاب في المغرب، والتي قد تشكل عائقًا في تحقيق الحلم الأكاديمي والتخرج من المؤسسة أو المجال الذي قد يعتبره البعض فرصة لإنقاذ حياتهم المستقبلية. فهل تستحق الحياة الجامعية عناء النقل والغربة بالنسبة للطلاب؟ وما هو الدور الفعلي لكل أستاذ جامعي كرّس حياته لهذه المهنة؟ وهل كل من حصل على شهادة دكتوراه وفرصة تعليمية يستحق لقب “أستاذ”؟
هذه أسئلة لا تنتهي، ولا تزال تجول في ذهن الكثيرين، بل في أذهان من حرموا من فرصة التعبير عنها خوفًا من تداعيات قد تؤثر على حياتهم الأكاديمية. من جهة، أنا فخورة جدًا بكوني خريجة مدرسة عليا، التي أعتبرها فرصة لملاقاة عدد من الطلاب الشغوفين، وأساتذة جامعيين الذين أكن لهم احترامًا وتقديرًا لمجهوداتهم وأخلاقهم ومهنيتهم التي جعلتني أحب كل مادة درسوها وكل موقف غمرته إنسانيتهم.
لكن من جهة أخرى، في مكان يُفترض أن تسود فيه المصداقية والمهنية، يجد الطلاب أنفسهم غارقين في دوامة التفكير والهلع بسبب المماطلة وغياب المهنية. حيث يتحول النفوذ الأكاديمي في بعض الأحيان إلى وسيلة للابتزاز، إذ يستغل بعض الأساتذة سلطتهم للضغط على الطالبات مقابل النجاح والنقاط. أما البعض الآخر، فلا يكلف نفسه عناء تصحيح الاختبارات، بل يمنح النقاط بناءً على معرفته الشخصية بالطلاب. لست هنا للدفاع عن الطلبة الذين تورطوا في هذه الأفعال، بل أتحدث باسم كل طالب جامعي وجد نفسه عرضة لهذه المضايقات، ومُنع من التعبير عن رأيه خشية العواقب الأكاديمية.
لقد عايشت عن كثب المعاناة التي يواجهها العديد من الطلاب في حياتهم الجامعية. أعرف تمامًا ما يشعر به الطالب الذي يضطر للتنقل لمسافات طويلة يوميًا، مثقلًا بأعباء الوقت والجهد، دون أن يجد لحظة راحة أو فرصة للتفكير في أي شيء سوى الوصول إلى المحاضرات. كما أنني شاهدت معاناة الطلاب الذين يعيشون بعيدًا عن أسرهم، حيث تزداد وحدتهم مع مرور الأيام، وتصبح الغربة عبئًا نفسيًا وعاطفيًا ثقيلًا. ولا يمكنني أن أغفل عن ضغط تكاليف الإيجار والمصاريف اليومية، التي تجعل الحياة الجامعية رحلة صعبة مليئة بالتحديات المالية والنفسية، حيث يكافح الطلاب من أجل تأمين أبسط احتياجاتهم في ظل هذا الواقع الصعب. فمن يتحمل مسؤولية كل طالب تعرض للظلم، وكان ضحية لأستاذ تجرد من إنسانيته؟ وإلى متى سيظل هؤلاء الأساتذة الذين يسيئون استخدام سلطتهم يمارسون استبدادهم دون أن يجدوا من يردعهم؟
أحسنت قولا. فعلا في المغرب هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الطلبة و هي مسكوت عنها.
بين استفهامات استنكارية و اخرى تقريرية، مقال مس في الصميم.
مقال مميز يرقى إلى المستوى المطلوب، تناولتِ فيه قضايا في غاية الأهمية وغالبًا ما يتم التغاضي عنها. دمتِ متألقة، مع أطيب التمنيات بمزيد من النجاح والتفوق!