في ليلة الأربعاء، 19 مارس 2025، شهدت إسطنبول واحدة من أكبر موجات الاحتجاج في تاريخها الحديث، حيث خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع للمطالبة باستقالة حكومة رجب طيب أردوغان، وذلك عقب اعتقال رئيس بلدية المدينة المعارض أكرم إمام أوغلو. وقد تجمع المحتجون أمام مبنى البلدية، رافعين الأعلام التركية، وهاتفين بشعارات منددة بالحكومة، في تعبير واضح عن غضبهم من استهداف المعارضة واعتقال شخصية سياسية تحظى بشعبية واسعة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية المقبلة.
جاء اعتقال إمام أوغلو ضمن عملية أمنية واسعة شملت أكثر من مئة من مساعديه وأعضاء حزبه، حيث وُجهت إليه تهم تتعلق بـ”الفساد” و”الإرهاب”، وفقًا لما أعلنه وزير العدل التركي يلماز تونش. وذكرت النيابة العامة أن رئيس البلدية متهم برئاسة “منظمة إجرامية ربحية”، بالإضافة إلى مزاعم بارتباطه بحزب العمال الكردستاني. وأثار توقيت الاعتقال جدلًا واسعًا، إذ جاء قبل أيام فقط من الإعلان الرسمي عن ترشيح إمام أوغلو لخوض الانتخابات الرئاسية ممثلًا عن حزب الشعب الجمهوري.
وفي المقابل، أدان زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل ما وصفه بـ”الانقلاب السياسي”، معتبرًا أن الهدف من هذه الاعتقالات هو عرقلة صعود المعارضة. وأكد، في خطاب ألقاه أمام آلاف المحتجين مساء الأربعاء، أن إمام أوغلو “لم يرتكب أي جريمة سوى كسب قلوب الناس”، مشيرًا إلى أن الحكومة تسعى بكل الوسائل لمنع ترشحه للرئاسة. كما شددت زوجة إمام أوغلو، ديليك إمام أوغلو، في تصريحات إعلامية على أن عملية الاعتقال تمت بشكل مباغت خلال ساعات الفجر، بحضور ابنتهما البالغة من العمر 13 عامًا، مما أثار استياء الرأي العام.
أما الرئيس رجب طيب أردوغان، فقد رد على الاحتجاجات باتهام المعارضة بمحاولة تضليل الرأي العام، قائلًا إن حزب الشعب الجمهوري يتجاهل الرد على مزاعم الفساد وبدلًا من ذلك “يخدع الناس بشعارات سياسية”. ومع تصاعد التوتر، فرضت السلطات حظرًا على التظاهرات لمدة أربعة أيام، كما أغلقت ساحة تقسيم الشهيرة، وقيّدت الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة للحد من انتشار الاحتجاجات. ورغم هذه الإجراءات، لا تزال موجة الغضب مستمرة، مما يعكس تصاعد التوترات السياسية في تركيا قبل الانتخابات الحاسمة المقبلة.