إدمان الهواتف الذكية في الصين.. خطر يهدد الروابط الاجتماعية

بقلم سعيد مطيع, من بيجين :

تشهد الصين ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات إدمان الهواتف الذكية، حيث يمضي الملايين من المواطنين ساعات طويلة يوميًا في تفحص شاشاتهم، سواء أثناء التنقل في وسائل النقل، أو خلال فترات الاستراحة في العمل، أو حتى أثناء التجمعات العائلية. وتنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير بين الشباب، الذين يعتمدون على هواتفهم للترفيه، والتواصل الاجتماعي، وحتى إتمام المهام اليومية، مما يجعل استخدامها المفرط جزءًا لا يتجزأ من نمط الحياة الحديث.

ورغم أن التكنولوجيا عززت التواصل الافتراضي بين الأفراد، إلا أن العديد من الخبراء يحذرون من تأثيرها السلبي على العلاقات الاجتماعية التقليدية في الصين، التي كانت تُعرف تاريخيًا بثقافة الأسرة القوية والترابط العائلي. فقد باتت مشاهد الصمت تهيمن على طاولات الطعام العائلية، حيث ينشغل كل فرد بهاتفه بدلاً من التفاعل مع من حوله. كما تشير دراسات محلية إلى أن هذا الإدمان الرقمي قد يؤدي إلى تراجع مهارات التواصل وجعل العلاقات أكثر سطحية.

ولمواجهة هذه الظاهرة، بدأت بعض الشركات والمؤسسات التعليمية في اتخاذ تدابير للحد من استخدام الهواتف الذكية، مثل فرض قيود على أوقات الاستخدام في المدارس وأماكن العمل، وتشجيع الأنشطة الاجتماعية التي تتطلب التفاعل المباشر. كما أطلقت الحكومة الصينية حملات توعوية تهدف إلى تعزيز الاستخدام المتوازن للتكنولوجيا، وسط مخاوف من التأثيرات النفسية والسلوكية السلبية التي قد يسببها الإدمان الرقمي على الأجيال الشابة.

ورغم هذه الجهود، لا يزال تحدي الإدمان على الهواتف الذكية في الصين قائمًا، حيث تغذي التطبيقات الترفيهية ومنصات التواصل الاجتماعي هذه الظاهرة باستمرار. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الصين من تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الاجتماعية التقليدية، أم أن العصر الرقمي سيفرض واقعًا جديدًا قد يُضعف الروابط الأسرية إلى الأبد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

تصاعد التهديدات الرقمية: القراصنة يستهدفون الأجهزة المحمولة بشكل غير مسبوق

المنشور التالي

الدم المشروك”.. نجاح جماهيري وسط جدل حول استيراد السيناريوهات

المقالات ذات الصلة