وفاة عبد الحق المريني: الناطق الرسمي باسم القصر الملكي وأحد أعلام الفكر والأدب المغربي

غيّب الموت، مساء أمس الإثنين، المؤرخ الرسمي للمملكة عبد الحق المريني، عن عمر ناهز 91 عاماً، بعد مسيرة زاخرة امتدت لعقود، قدّم خلالها خدمات جليلة للثقافة المغربية وللمؤسسة الملكية، شغل خلالها منصب الناطق الرسمي باسم القصر الملكي منذ سنة 2012، كما تقلد سابقاً مهام مدير التشريفات الملكية والأوسمة.

يُعد الفقيد من كبار الشخصيات الفكرية والأدبية في المغرب، ومن الوجوه البارزة التي نذرت حياتها لخدمة التراث المغربي، توثيقاً وتأليفاً ونشراً، سواء من خلال مناصبه الرسمية أو عبر مساهماته الأكاديمية والعلمية المتواصلة.

ولد عبد الحق المريني في الرباط يوم 31 ماي 1934، وحفظ القرآن الكريم كاملاً في سن مبكرة، بل ونسخ الستين حزباً بخط يده. حصل على دبلوم معهد الدراسات العليا المغربية عام 1960، ثم الإجازة في الأدب العربي من كلية الآداب بالرباط سنة 1962، ليتابع دراساته العليا بفرنسا، حيث نال دبلوم الدراسات العليا من جامعة ستراسبورغ سنة 1966، قبل أن يُتوج مساره الأكاديمي بدكتوراه الدولة في الأدب المغربي من جامعة فاس سنة 1989.

شغل الراحل عدة مناصب تربوية وإدارية، بدءاً بتدريس اللغة العربية والتربية الوطنية، مروراً برئاسة ديوان نائب كاتب الدولة في التعليم التقني، وانخراطه في اتحاد كتاب المغرب منذ 1973، وصولاً إلى التحاقه بوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة سنة 1972، ثم توليه إدارتها سنة 1998. وفي أكتوبر 2012، عُيّن ناطقاً رسمياً باسم القصر الملكي، ليشغل بذلك أحد أبرز المناصب المرتبطة بالمؤسسة الملكية.

نشر المريني عشرات المقالات والدراسات في أبرز الصحف والمجلات الوطنية والعربية منذ ستينيات القرن الماضي، مثل “العلم”، “دعوة الحق”، “البحث العلمي”، و”الشرق الأوسط”، مما جعله أحد أعمدة الفكر المغربي المعاصر.

خلف الراحل إرثاً فكرياً غنياً، من أبرز مؤلفاته: “الجيش المغربي عبر التاريخ”، “شعر الجهاد في الأدب المغربي”، “مدخل إلى تاريخ المغرب الحديث”، “الشاي في الأدب المغربي”، “محمد الخامس دراسات وشهادات”، “الحسنيات”، و“جلالة الملك الحسن الثاني: الإنسان والملك”، وهي أعمال كرّست اسمه كمرجع وطني في التاريخ والأدب المغربي.

برحيله، يفقد المغرب أحد رجالاته الكبار، ممن جمعوا بين خدمة الدولة والتأصيل الثقافي، وتركوا أثراً عميقاً في الذاكرة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

الأمم المتحدة: نقاط توزيع المساعدات في غزة تحولت إلى “مصائد موت” للمدنيين

المنشور التالي

وفاة مأساوية لأب ضحى بحياته لإنقاذ ابنته من الغرق

المقالات ذات الصلة