ليلة القدر: حين تعانق السماء الارض بنور الرحمة والمغفرة

في طيات شهر رمضان المبارك، تتلألأ ليلة عظيمة اختصها الله بالفضل والبركة، إنها ليلة القدر، التي وصفها الحق تعالى في كتابه العزيز بقوله: “ليلة القدر خير من ألف شهر”. ليلة تحمل من الرحمة والغفران ما لا تبلغه الكلمات، يُعتق فيها الله الرقاب من النار، ويُكتب فيها مصير العباد لسنة كاملة، من أرزاق وآجال وأحداث، كما قال تعالى: “فيها يُفرق كل أمر حكيم”.

ويُحيي المسلمون هذه الليلة المباركة بالقيام والدعاء والتضرع إلى الله، اقتداءً بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه”. ولا تقتصر هذه الليلة على العبادة الفردية فحسب، بل تتحول إلى مناسبة جماعية يغمرها الجو الروحي، حيث تُضاء المساجد بالمصلين الذين يقفون صفوفًا في خشوع، في مشهد يلامس القلوب ويُشعر الجميع بوحدة الصف وروح الإيمان.

وتنعكس بركة ليلة القدر أيضًا في التراحم بين الناس، حيث تتزايد مظاهر التكافل الاجتماعي، من توزيع الطعام على الفقراء والمحتاجين، إلى التبرعات التي تُجمع لصالح أعمال الخير. فتصبح الليلة مناسبة للتقرب من الله، وتعزيز أواصر الرحمة والتعاون بين المسلمين.

كما تشكّل ليلة القدر فرصة ذهبية لتعزيز صلة الرحم، إذ تجتمع العائلات في المساجد أو في بيوت بعضها البعض، لتؤدي العبادات في جو من الإيمان والمودة. ويتبادل الأقارب الزيارات والدعوات بعد صلاة التراويح أو في السحر، وهو ما يُرسّخ قيم التلاحم الأسري. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على صلة رحمه، ما يجعل هذه الليلة المباركة مناسبة مثالية لتجديد الروابط العائلية وتزكية العلاقات الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

حين تصطدم السلطة التنفيذية بمؤسسات الحكامة..

المنشور التالي

فرنسا تعزز دعمها لأوكرانيا بمساعدات عسكرية إضافية بقيمة 2 مليار يورو

المقالات ذات الصلة