في الخامس والعشرين من مايو 2025، اهتز ملعب رولان غاروس بمشاعر مؤثرة خلال حفل استثنائي لتكريم رافائيل نادال، البطل الأسطوري الذي توّج بلقب فردي الرجال 14 مرة على التراب الباريسي. أقيم الحفل على ملعب فيليب شاترييه، وشكّل لحظة تاريخية في البطولة التي تُقام للمرة الأولى منذ عشرين عامًا من دون مشاركة ابن مايوركا، الملقّب بـ”ملك الملاعب الترابية”. إليكم تقريرًا مفصلاً عن هذا الحدث الذي لا يُنسى.
حفل مفاجئ تم التحضير له بعناية فائقة
أعدّ الاتحاد الفرنسي للتنس (FFT)، بقيادة أميلي موريسمو، هذا التكريم في سرية تامة. وبعد انتهاء المباريات الثلاث الأولى لليوم، تحوّل الملعب الرئيسي إلى مسرح للمشاعر، احتفاءً بالمسيرة الاستثنائية لنادال. الجماهير، التي لم تكن على علم مسبق، بدأت تدرك عظمة الحدث مع عرض أولى اللقطات من إنجازاته على الشاشات العملاقة.
وحضر الحفل مجموعة من نجوم التنس وشخصيات بارزة من عالم الرياضة والثقافة، في تأكيد على تأثير نادال العالمي. ومن بين الحاضرين روجر فيدرر، نوفاك ديوكوفيتش، آندي موراي، كارلوس ألكاراز، بالإضافة إلى أسطورة كرة السلة باو غاسول، وأسطورة كرة القدم زين الدين زيدان، ما أضفى طابعًا مهيبًا على المناسبة وأبرز الاحترام الكبير الذي يحظى به النجم الإسباني.
ألقى رافائيل نادال، الذي بدا عليه التأثر، كلمة بعد تصفيق طويل من الجمهور الباريسي. وفي لفتة مؤثرة، بدأ كلمته باللغة الفرنسية قائلاً: «شكرًا من أعماق قلبي»، ثم واصل حديثه بالإسبانية، مستعرضًا ذكرياته وتعلقه العميق ببطولة رولان غاروس. ووجّه الشكر إلى عائلته، فريقه، الاتحاد الفرنسي للتنس، وجماهيره، واصفًا هذا اليوم بأنه “مثالي” ومن أكثر الأيام تأثيرًا في حياته. ودموعه في عينيه، استعرض نادال إنجازاته الـ14 (2005-2008، 2010-2014، 2017-2020، 2022) واللحظات التي لا تُعد ولا تُحصى على هذا الملعب الذي يعتبره «بيته».
لوحة تذكارية خالدة
اللحظة الأبرز في الحفل كانت الكشف عن لوحة تذكارية وضعت قرب الشبكة في ملعب فيليب شاترييه. وتضمّ اللوحة بصمة قدم نادال اليمنى، في رمز لترسيخه الأبدي على الملاعب الترابية. بجانبها، نُقشت نسخة طبق الأصل من كأس “الفرسان الأربعة” التي رفعها 14 مرة، مع قائمة السنوات التي فاز فيها. وتحمل اللوحة نقشًا يخلّد أسطورته:
«رافائيل نادال، بطل رولان غاروس 14 مرة».
هذا النصب التذكاري الدائم سيضمن بقاء إرثه حيًا في ذاكرة البطولة.
معرض خاص في متحف الاتحاد الفرنسي للتنس
كجزء من هذا التكريم، افتتح الاتحاد الفرنسي للتنس معرضًا مؤقتًا في متحف رولان غاروس، مخصصًا لمسيرة نادال. ويعرض المعرض قطعًا رمزية من مشواره: المضارب التي فاز بها، أحذيته التي أنهكتها المعارك على التراب، والقمصان التي ارتداها في لحظاته التاريخية. كما تقدم الشاشات التفاعلية والصور الفوتوغرافية تجربة غامرة تعيد سرد قصة نادال في باريس.
إرث يتجاوز حدود الرياضة
سلّط التكريم الضوء أيضًا على التأثير العميق لنادال خارج حدود الملاعب. وأشاد الحاضرون، بمن فيهم فيدرر وديوكوفيتش، بتواضعه وروحه القتالية وروحه الرياضية الفريدة. أما زين الدين زيدان، فأكد أن نادال مصدر إلهام لجميع الرياضيين، في حين تحدّث باو غاسول عن صداقتهما والإعجاب الكبير الذي يكنّه له. كارلوس ألكاراز، الذي يُنظر إليه على أنه خليفته الروحي، عبّر عن امتنانه لأنه نشأ وهو يشاهد نادال يهيمن على رولان غاروس.
يوم لا يُنسى للجماهير
لعب الجمهور، الذي ضمّ عشاقًا قدامى وجدد، دورًا محوريًا في خلق الأجواء الحماسية للحفل. وقد صدحت الهتافات «رافا! رافا!» في المدرجات، وتقاسم العديد من المشجعين مشاعرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واصفين الحدث بلحظة وحدة واحتفال. بالنسبة للكثيرين، كان هذا التكريم بمثابة وداع لأسطورة ستظل دائمًا مرتبطة برولان غاروس.
سيبقى يوم 25 مايو 2025 محفورًا في التاريخ، ليس فقط لرولان غاروس، بل لعالم التنس بأسره. فمن خلال هذا التكريم العظيم، لم يحتفل الاتحاد الفرنسي للتنس ببطل فريد من نوعه فحسب، بل خلد إرثًا يتجاوز الرياضة. اللوحة التذكارية، المعرض، والكلمات التي قيلت في هذا اليوم، ستذكر الأجيال القادمة أن رافائيل نادال لم يكن مجرد لاعب… بل كان أسطورة أعادت تعريف التراب… وقلوب الجماهير.
