في خطوة جديدة تعكس تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية، استدعت الجزائر السفير الفرنسي لديها، ستيفان روماتيه، وذلك مساء أمس الأحد 16 مارس 2025، على خلفية ما وصفته بمراجعة ملف العقارات التي تستغلها فرنسا على الأراضي الجزائرية. غير أن هذه الخطوة تأتي في سياق تصعيد دبلوماسي مستمر من جانب الجزائر، التي تبدو عاجزة عن إدارة علاقاتها الخارجية بواقعية وبراغماتية. فمنذ فترة، تبنت الجزائر سياسة عدائية تجاه باريس، متجاهلة الروابط التاريخية والاقتصادية التي تربط البلدين، ما أدى إلى توتر متزايد في العلاقات الثنائية.
ويبدو أن السبب الحقيقي وراء هذا التصعيد لا ليس مرتبطًا فقط بملف العقارات، بل يأتي كرد فعل غاضب على اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، وهو الموقف الذي شكل ضربة قوية للجزائر، التي كانت تعوّل على استمرار موقف باريس المحايد نسبيًا في هذا النزاع. هذا التحول الفرنسي أظهر عزلة الجزائر في ملف الصحراء، حيث بدأت العديد من القوى الدولية تتبنى مواقف داعمة لوحدة الأراضي المغربية، وهو ما زاد من إحباط القيادة الجزائرية التي وجدت نفسها أمام واقع دبلوماسي جديد لا يصب في مصلحتها.
وفي سياق متصل، صعّدت الجزائر لهجتها تجاه باريس بعد تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الذي انتقد الجزائر واتهمها بالاستفادة غير المتوازنة من علاقاتها مع فرنسا. وردت الجزائر ببيانات غاضبة تحمل الكثير من التناقض، حيث تواصل انتقاد فرنسا، بينما تعتمد بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية معها، خاصة في قطاعات الطاقة والتجارة والاستثمارات. هذا النهج الجزائري غير المتزن يعكس محاولة لصرف الأنظار عن أزماتها الداخلية عبر افتعال أزمات دبلوماسية لا طائل منها.
في ظل هذا التصعيد المتكرر، يتضح أن الجزائر تعاني من ارتباك دبلوماسي يجعلها تفقد المزيد من الشركاء الدوليين. وبينما تتجه فرنسا نحو تعزيز شراكتها مع المغرب، وتأكيد موقفها الداعم لحل النزاع في الصحراء وفق مقترح الحكم الذاتي المغربي، يبدو أن الجزائر تواصل سياسة العزلة والمواجهة غير المبررة، مما قد يزيد من تراجع نفوذها الإقليمي ويؤثر سلبًا على علاقاتها مع القوى الكبرى.