من أقمشة القفطان المغربي الفاخرة إلى خياطته الدقيقة يظل هذا الزي التقليدي رمزا للأصالة و التراث، تسهر عل صنعه لمسات فريدة تعيد رسم ملامحه بروح أنثوية راقية لكن متمردة في الآن ذاته.من قلب التراث المغربي الأصيل نسجت زهور الرايس حروف اسمها بخيوط من الشغف و الإبداع. لم تقف زهور عند لقب مصممة فقط بل كحارسة لتراث القفطان المغربي ومجددته. في المحطة الثانية من سلسلة بورتريهات التي تنشرها THE PRESS ، نواصل غوصنا في عوالم نسائية نسجت لذواتهن حضورا استثنائيًا داخل الثقافة المغربية حيث تشكل الرايس نموذجًا لمرأة تمسكت بخيوط الماضي لتعيد حياكتها بما يليق بالمرأة المغربية.

زهور الرايس.. حين يتحول الخيط إلى شغف

منذ الطفولة كان القفطان المغربي يسكن قلب زهور الرايس، فلم يكن مجرد زي عادي ترتديه النساء بالنسبة لها، بل كان رمزا للجمال و الهوية. و لعل عمتها الأنيقة، التي كانت تتزين بقفاطين فاخرة مطرزة بخيوط من أعماق التراث المغربي، كانت أول من أيقظ في فؤادها فتيل هذا العشق. و على الرغم من رغبة والدها في أن يراها طبيبة أو محامية،إلا أن زهور كانت تنصت بتمعن إلى همسات القماش و الخيط التي تناديها بصوت عال، وترى نفسها تسبح في محيط من القفاطين المغربية و تنتقل بين جمالها و روعتها و تخطط بحرفية لتنسجم روحها مع عالم القفاطين و تصبح جزءا منه. كان بيت الرايس عالما حيا، تنبض جدرانه بالإبداع، فوالد زهور كان خياطا ماهرا للبدل الرسمية، أما والدتها فكانت دائما ما تخيط الفساتين و بدل السباحة لها و لأخواتها بحب الأم و ذوق المرأة المغربية الأصيلة، و في هذا الجو كانت الإبرة لعبة زهور و القماش عالمها الخاص.
القفطان المغربي.. بنظرة زهور الرايس الفريدة

قبل أن تبدأ زهور في تصميم أي قفطان ترافقها دائما اللمسة التقليدية، التي تضفي على أعمالها أصالة لا مثيل لها، فهي تستلهم كل قطعة من الفن اليدوي المغربي الرفيع حيث يلتقي الطرز الرفيع بالتزيين بالأحجار و العقيق في تناغم ساحر. رغم أن تصاميمها العصرية تتناغم مع روح العصر، إلا أن اختيارها لأقمشة قفاطينها يرتبط بحالتها النفسية، إذ تغوص في عالم الإبداع فور لمحة الألوان لتنسج لنا قطعة فنية تروي حكاية ثقافة المغرب و تفاصيلها. في قلب كل خيط و تطريز، تجد زهور شغفها الحقيقي بالقفطان التقليدي الأنيق، ذلك الفن الذي ينسج بين يدي الصانع المغربي ليبدع لنا قفاطين أجمل ما يمكن، كما كانت ترتديه النساء المغربيات قديما لتكون رمزا للجمال و الاحترام، فعلى مدار أربعين عاما كرست زهور حياتها لمهنة تصميم القفطان، ساهرة على أن ترتديه النساء من جميع أنحاء العالم من أصغر رضيعة وصولا إلى كبار السن. و تحقق حلم زهور في نشر هذا الزي الثقافي العريق بفضل جهدها الكبير بحيث استطاعت أن تجعل من القفطان رمزًا للتراث المغربي.



تحديات و صعاب في عالم الإبداع

في عالم مليء بالتحديات، كانت زهور واحدة من أولئك الذين واجهوا الصعاب بابتسامة العزم. في بداياتها كانت تجد صعوبة في التواصل مع الخياطين لتحويل أفكارها المبدعة إلى قفاطين ما شكل تحديا حقيقيا، لكن زهور بتفوقها في الرسم و التفصيل و خبرتها التي اكتسبتها من دراستها في المعهد العالي لتصميم الأزياء، تمكنت من تجاوز تلك العقبات، فلم تقتصر على إبداع تصاميمها الخاصة ، بل عملت على نقل مهاراتها إلى مساعديها، ساعية لنشر القفطان المغربي العريق.
زهور الرايس.. دعوة للاعتزاز بالقفطان المغربي و الحفاظ على تراثه

أرسلت زهور الرايس رسالة قوية إلى المرأة المغربية، تدعوها فيها إلى التباهي بالقفطان المغربي، بكل فخر و اعتزاز، كما شددت على ضرورة أن تختار الأناقة بحرفية، ليظل القفطان رمزا للجمال و الاحترام. لم تكن كلماتها مجرد نصائح بل دعوة لحماية هذا التراث الثمين و الحفاظ على جماليته، مؤكدة أن من كل خيط وكل تطريز في القفطان هو ثمرة جهد الصانع المغربي الذي يضع روحه فيه. رسالة زهور كانت بمثابة تحفيز للمرأة المغربية لتظل وفية لتراثها وتحافظ على رونق القفطان المغربي .