تسير الحكومة المغربية بخطى ثابتة نحو ترسيخ نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص كآلية استراتيجية لتمويل المشاريع الكبرى وتنمية البنيات التحتية. فبعد مصادقة المجلس الوزاري برئاسة الملك، شرعت الحكومة في إعداد الدراسات التقنية والمالية لعدد من المشاريع الطموحة التي ستنجز وفق هذه الصيغة، من بينها مشروع سقي منطقة سيدي رحال انطلاقاً من محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، والذي سيغطي مساحة فلاحية تناهز 8 آلاف هكتار. كما يتم الإعداد لمشروع أنبوب الغاز الطبيعي الذي سيربط ميناء الناظور غرب المتوسط بكل من القنيطرة والمحمدية في إطار برنامج البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال.
في الوقت نفسه، اكتملت الدراسات المتعلقة بمشروعي تحلية مياه البحر في منطقتي كلميم واد نون والغرب. الأول بكلفة تفوق ملياري درهم لإنتاج 47 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، والثاني لسقي 30 ألف هكتار باستثمار يقارب 3 مليارات درهم. وتشمل المشاريع الجارية كذلك مشروع تحلية مياه البحر بالداخلة الذي سيغذي شبكة سقي على مساحة 5 آلاف هكتار، باستثمار إجمالي يبلغ 2.5 مليار درهم، إضافة إلى محطة تحلية الدار البيضاء سطات، التي تُعد من أكبر المشاريع الجارية بكلفة تصل إلى 6.5 مليارات درهم وبقدرة إنتاجية تبلغ 300 مليون متر مكعب سنوياً.
ويواكب هذا الحرك الديناميكي إعداد استراتيجية وطنية متكاملة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، بتأطير من اللجنة الوطنية للـPPP التي يرأسها رئيس الحكومة وبدعم من البنك الإفريقي للتنمية. هذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق إطار قانوني ومؤسساتي واضح لجذب الاستثمارات الخاصة وتحسين مردودية المشاريع العمومية. كما يجري العمل على تطوير منصة رقمية لتتبع المشاريع، وتحديد عتبات الاستثمار وآليات التقييم، إلى جانب برامج تكوين للأطر الإدارية. فالمغرب، الذي حدد أكثر من 60 مشروعاً محتملاً بقيمة تتجاوز 50 مليار درهم في قطاعات الماء والطاقة والنقل والصحة والتعليم، يعلن بوضوح أن مرحلة “التمويل الذاتي” ولّت، وأن الشراكة الذكية بين الدولة والقطاع الخاص هي الطريق نحو تسريع التنمية وتحقيق السيادة الاقتصادية.