كشفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن تخصيص غلاف مالي يفوق 109 ملايين درهم لتأهيل الأئمة والخطباء بمختلف ربوع المملكة، في إطار خطة وطنية شاملة تهدف إلى الرفع من كفاءة القيمين الدينيين وتجويد التأطير الديني بالمغرب. وأوضح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن هذا البرنامج يندرج ضمن رؤية استراتيجية تروم تعزيز القدرات العلمية والمعرفية للأئمة بما يمكنهم من أداء مهامهم الدعوية والتربوية على الوجه الأكمل.
وأكد التوفيق، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أن الوزارة تولي أهمية كبيرة لتطوير مؤهلات الأئمة، مشيرا إلى أن برنامج التأهيل يتم تنفيذه في إطار “ميثاق العلماء” الذي أطلق سنة 2008 تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى، بمشاركة 1447 عالما مؤطرا يستفيد من توجيهاتهم أكثر من 48 ألف إمام. ويعقد البرنامج لقاءات تكوينية مرتين في الشهر ولمدة 10 أشهر سنويا، بهدف تعميق التكوين الفقهي والمعرفي وتعزيز دور الأئمة في نشر الوعي الديني الوسطي والمعتدل.
وأوضح الوزير أن هذه اللقاءات تعرف إقبالا واسعا من طرف الأئمة، حيث بلغت نسبة الحضور خلال سنة 2025 حوالي 97.5% من مجموع المدعوين، ما يعكس الوعي المتزايد بأهمية التكوين المستمر في تطوير الأداء الديني. وأضاف أن الوزارة أطلقت إلى جانب هذا البرنامج خطة جديدة لتجديد التبليغ، تتيح للأئمة المشاركة في جهود المجلس العلمي الأعلى لتصحيح المفاهيم الدينية لدى المواطنين، بما يتجاوز الدور التقليدي للإمامة والخطابة نحو أداء أكثر تفاعلاً ومواكبة للتحولات المجتمعية.
وفي ما يتعلق بالبنية التحتية للمساجد، كشف الوزير أن عدد المساجد في المغرب تجاوز 52 ألف مسجد، منها 37.766 في العالم القروي و14.336 في المجال الحضري. وأرجع هذا التفاوت إلى طبيعة النسيج القروي، حيث تتعدد المساجد بسبب تشتت السكن ورغبة السكان في بناء مساجد قريبة، رغم أن الشرط القانوني لبناء المسجد يقتضي وجود 12 مصليا على الأقل.
وأشار التوفيق إلى أن الغلاف المالي السنوي المخصص للعناية بالمساجد في العالم القروي يناهز 296 مليون درهم، أي نحو 41% من ميزانية الاستثمار. وقد خصصت الوزارة خلال السنوات الخمس الماضية 90.5 مليون درهم لبناء مساجد جديدة، كما تم تأهيل 2039 مسجدا مغلقا من أصل 3108، وإعادة فتح 1473 منها أمام المصلين بعد ترميمها بكلفة إجمالية بلغت 1.9 مليار درهم.
وتواصل الوزارة حاليا أشغال تأهيل 566 مسجدا إضافيا بغلاف مالي قدره 839 مليون درهم، وتسعى لتعبئة الاعتمادات اللازمة لإعادة تأهيل 1969 مسجدا متبقيا بكلفة تقديرية تصل إلى 1.2 مليار درهم خلال السنوات المقبلة. أما بخصوص المساجد المتضررة من الزلزال في العالم القروي، فقد أكد الوزير أن الوزارة تعهدت باستكمال تأهيلها كليا قبل نهاية سنة 2026، مبرزا أن تدخلات الوزارة تشمل كذلك توفير المياه والصيانة الدورية للمساجد بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة، في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى ضمان استمرارية أداء دور المسجد في المجتمع المغربي.