أحمد نور الدين في حوار مع THE PRESS عن إمكانية تحقيق الصلح بين المغرب والجزائر

على ضوء تصريح مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط بشأن إمكانية تحقيق الصلح بين المغرب والجزائر خلال 60 يوما، أجرى موقع THE PRESS حوارا مع أحمد نور الدين المحلل السياسي والمتخصص في العلاقات المغربية الجزائرية.

هذه التحركات تم التقديم لها منذ فترة من خلال تسريبات اعلامية منذ أبريل 2025، واليوم اتخذت شكلها الرسمي مع إعلان ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط.

والغريب أنه حدد أجل إجراء المصالحة في 60 يوما، مما يوحي بأن هناك مشروعا ملموسا يوجد على طاولة المفاوضات في الرباط والجزائر، وفيه بنود محددة يتم الان وضع اللمسات الأخيرة عليها من طرف فريق عمل امريكي يقوده مستشارا الرئيس ترامب ستيف ويتكون، ومسعد بولوس.

واهم مؤشر على صحة الخبر لحدود الساعة هو انه لا احد في الجزائر ولا المغرب كذب تصريحات ويتكوف، وهذا الصمت يفسر بأن المشروع حقيقي وتشتغل عليه الدبلوماسية في المغرب والجزائر تحت إشراف البيت الابيض.

أضيف الى ذلك ان هذا التصريح للسيد ويتكوف تزامن مع تسريب مشروع قرار مجلس الامن الذي يمدد انتداب المنورسو لفترة ثلاثة اشهر فقط وليس سنة كاملة، مع إمكانية إنهاء مهامها اذا لم تتفق الأطراف المتنازعة حول حل يقوم على الحكم الذاتي فقط لا على اي مقترح آخر. كل هذه المعطيات توحي أن الأمر جدي وليس مجرد تصريحات عابرة.

نعم الظروف مجتمعة لطي النزاع في الصحراء بعد الاعترافات الدولية بسيادة المغرب من طرف واشنطن وباريس ومدريد وغيرها من العواصم الغربية، وبعد الموقف الروسي لهذا الشهر الذي أكد أن روسيا مستعدة لدعم الحكم الذاتي لأنه شكل من أشكال تقرير المصير في القانون الدولي، بالإضافة طبعا إلى كل الدول العربية والإسلامية وثلاثة ارباع الدول الافريقية.

الجزائر تعيش عزلة دولية، حتى في محيطها المباشر توتر مع مالي والنيجر ومع المشير حفتر في ليبيا، ونظامها انكشفت أوراقه كنظام عسكري يضع قناعا مدنيا، وأدرك العالم أن الجزائر هي الطرف المباشر ضد المغرب في نزاع الصحراء بعد سحبها للسفراء من فرنسا وإسبانيا بسبب موقفها الداعم لمغربية الصحراء.

إضافة إلى أن النظام العسكري الجزائري يعيش انهيارا داخليا من أبرز مظاهره وجود حوالي 40 جنرالا في السجن، وهروب عدة جنرالات نحو أوروبا منهم قائد الدرك الجزائري ومدير المخابرات الداخلية. وعلى المستوى الاقتصادي اعتماد كلي على الريع من صادرات النفط والغاز، وعلى المستوى الاجتماعي هناك احتقان غير مسبوق منذ الحراك الشعبي في فبراير 2019 بل ومنذ الانقلاب على صناديق الاقتراع والعشرية السوداء.

اذن الجزائر هي التي تبحث عن طوق النجاة لأنها تغرق، وليس المغرب من يبحث عن الطوق. لذلك علينا نحن المغاربة أن نكون حذرين من قبول مصالحة بدون شروط تعيد تكرار أخطاء الماضي.

أبرز التحديات هي كيف نجعل المصالحة حقيقية ونضمن لها الاستدامة. هذا هو التحدي الكبير. ولأجل ذلك علينا ألا نقبل اتفاقات سريعة ستعطي الأوكسجين لنظام عسكري يختنق. بل علينا أن نضع شروط المصالحة لبناء أسس متينة لا تهتز بعد سنتين او ثلاث كما وقع في كل التجارب السابقة، حين وقعنا اتفاقية باماكو 1964، واتفاقية 1969، واتفاقية 1972ثم معاهدة الاتحاد المغاربي 1989،وكل هذه الاتفاقيات خرقتها بل مزقتها الجزائر من خلال مواصلة عدوانها ضد المغرب وتمويلها حركة انفصالية مسلحة، وشنها للحملات المعادية للمغرب ووحدته في كل المحافل الدولية، ومواصلة اعتداءاتها على أراضي المغرب في واحة العرجا، وقتلها للمواطنين المغاربة على الحدود في السعيدية وكل الشريط الحدودي خارج القانون الدولي، وقطعها للمجال الجوي على الطيران المدني المغربي بما في ذلك الطائرات التي تحمل الحجاج المغاربة نحو الديار المقدسة، والطائرات التي تحمل الرياضيين المغاربة للمشاركة في دوريات افريقية او دولية بالجزائر، والقائمة طويلة.

لضمان سلام دائم ومصالحة حقيقية لابد من وضع دفتر تحملات وشروط لحماية اي اتفاق من أن يكون مصيره مثل الاتفاقيات السابقة التي ذكرت بعضا منها فقط وليس كلها.

واول شرط هو الاعتراف الصريح والواضح بمغربية الصحراء الغربية من طرف الدولة الجزائرية دون أي تحفظ او قيود.

ثانيا، تعويض االمغاربة ضحايا الطرد التعسفي والقسري سنة 1975، او ما سماه هواري بومدين بالمسيرة الكحلا اي السوداء. وعددهم 45 ألف عائلة اي ما يقارب 400 الف مغربي ومغربية، تم طردهم دون أي ذنب، ففط لأنهم مغاربة وهذه تدخل ضمن قائمة الجرائم ضد الإنسانية، وتمت مصادرة جميع ممتلكاتهم واموالهم وارصدتهم وحتى مجوهرات نسائهم.. وحسب خبراء دوليبن فإن قيمة الممتلكات الثابتة والمنقولة مع الفوائد المتراكمة خلال نصف قرن تتجاوز 40 مليار دولار. وهذه حقوق عينية للمواطنين المغاربة وذوي الحقوق ليس من حق الدولة المغربية التنازل عنها، خاصة وأنهم طردوا بسبب المسيرة الخضراء واسترجاع الصحراء، اي بسبب موضوع سياسي بين المغرب والجزائر ليس لهم فيه اي ذنب او جرم.

ثالثا ، استرجاع كل الأراضي التي اقتطعتها الجزائر بعد استقلالها وخاصة في ضواحي مدينة فكيك ومراكز ايش وحاسي بيضا وغيرها، ويتعلق الأمر بمئات الآلاف من الهكتارات التي تضم مزارع النخيل، مع التعويض عن الخسائر المادية طيلة نصف قرن والفوائد المتراكمة.

رابعا ، تعويض ضحايا حرب الاستنزاف في الصحراء خاصة عائلات الشهداء الذين تجاوزوا 5000 شهيد من القوات المسلحة الملكية في الصحراء، بالاضافة إلى المدنيين في كل الأقاليم الجنوبية والحدودية بما في ذلك طانطان وطاطا واسا الزاك، وكلميم، وزاكورة وغيرها من الأقاليم التي تعرضت لعمليات قصف واختطاف السكان وغير ذلك من أعمال عدوانية.

خامسا, استرجاع الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لأن الجزائر خرقت اتفاقية الحدود 1972، بشن الحرب على المغرب في امغالا وعبر الميليشيات الإنفصالية، ومن خلال منع استغلال غارة جبيلات، ومن خلال طرد آلاف المغاربة سنة 1975، وهي كلها خروقات فادحة لشروط اتفاقية الحدود تلغي الاتفاقية وتحمل الجزائر كامل المسؤولية.
لذلك علينا أن نعود إلى الأصل وهو المطالبة بالحدود الحقة للمغرب كما ينص عليه الدستور المغربي، وهذا من أجل ضمان استمرارية المصالحة والسلام بين البلدين الجارين، وحتى لا تكرر التجارب المريرة مع الجزائر التي لا تراعي العهود والاتفاقيات.

1 comment
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

المغرب يرفع ميزانية الدفاع إلى مستوى غير مسبوق بـ157 مليار درهم لتطوير قدراته العسكرية والصناعية

المنشور التالي

رحيل الفنان المغربي عبد القادر مطاع عن عمر يناهز 85 سنة

المقالات ذات الصلة